أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز الأجرة على الحجامة. وبه قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وعكرمة والقاسم وأبو جعفر ومحمد بن علي بن الحسين وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وهو اختيار أبي الخطاب الحنبلي واعتمده ورجحه الموفق ابن قدامة في المغني.
وكره كسب الحجام عثمان وأبو هريرة -رضي الله عنهما- والحسن والنخعي، ونص على كراهته أحمد ورأى عدم جواز الانتفاع بأجرته وقال: ويصرفه في علف دوابه وطعمة عبيده ومؤنة صناعته ولا يحل له أكله (1)
مغ ج 6 ص 121.
(1) قلت: قد مرت مسألة كسب الحجام في كتاب الأطعمة وسبق هناك أن الجماهير من العلماء على جوازه.
فإن قيل فكيف يكون فرق بين كسب الحجام وبين جواز عقد الإجارة على الحجامة؟
قلت: الذي ينبغي أن يقال: أنه إذا جوزنا كسبه عند الجمهور. كان من اللائق بقواعد الشريعة ومقاصدها أن يقول الجمهور بجواز عقد الإجارة عليها أيضًا لأنه لا يصلح أن نشرع الحجامة ونجيزها ثم يترك العوض (التكسب) عليها متروكًا لخواطر الناس وأريحيات نفوسهم. مع أن الحجام والمحتجم في محل الحاجة. مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا تلازم فقهًا بين جواز الحجامة والنهى عن كسبها ولا بين جواز كسبها وإبطال العقد عليها لكن اللائق بأصول الشريعة وقواعدها خلاف هذا. والله تعالى أعلم.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
قال شيخ الإسلام ابن تيمية الدمشقي رحمه الله :
حَالُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لَيْسَتْ كَحَالِ الْمُسْتَغْنِي عَنْهُ ، كَمَا قَالَ السَّلَفُ : كَسْبٌ فِيهِ بَعْضُ الدَّنَاءَةِ : خَيْرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاس. – مجموع الفتاوى –