أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لا يجوز أن يقول المدين لغريمه (يعني الدائن) ضع عني شيئًا أو بعضًا من الدين وأعجِّل لك ما بقي. كره ذلك زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والشافعي ومالك والثوري وهشيم وابن علية وإسحاق وأبو حنيفة (1).
وروي عن ابن عباس والنخعي وأبي ثور أنهم لم يروا في ذلك بأسًا.
مغ ج 4 ص 174.
(1) قال الموفق: وقال المقداد لرجلين فعلا ذلك: كلاكما قد آذن بحربٍ من الله ورسوله.
قلت: وقد اتفق الكل على استحباب أن يضع الدائن عن المدين شيئًا من الدين أو كله ابتداء. لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}. وانظر شرح ج 10 ص 220. قلت: وحكى الكراهة عمن ذكرناهم في أصل المسألة ابن المنذر وزاد فيهم سفيان بن عيينة وهشام بن عبد الملك الباهلي البصري وأحمد. ونقل الترخيص عمن ذكرناهم، وروي عن الحسن البصري وابن سيرين أنهما كانا لا يرويان بأسًا بالقروض أن يأخذها من حقه قبل محله (يعني قبل وقت السداد) وأما إذا استرفق المدين الدائن في أن يضع عنه شيئًا من الدين من غير أن يغريه بالتأجيل فلا بأس في هذا، ومستحب للدائن أن يجيبه إلى ذلك، وفي هذه المسألة حديث صحيح في قصة وضع كعب بن مالك شطر الدين عن أبي حدرد الأسلمي بأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. انظر شرح ج 10 ص 219. وانظر فيما ذكرته أولًا. الإشراف ج 1 ص 149. بداية ج 2 ص 172.
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي/السوري –
عن كعب بن مالك رضي الله عنه: ((أنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أبِي حَدرَدٍ دَيْنًا له عليه في عَهدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أصوَاتُهُما حتَّى سَمِعَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إلَيْهِما رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتَّى كَشَفَ سِجفَ حُجرَتِهِ، ونَادَى كَعْبَ بنَ مَالِكٍ قَالَ: يا كَعْب قَالَ: لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللَّهِ، فأشَارَ بيَدِهِ أنْ ضَعِ الشَّطرَ مِن دينِكَ، قَالَ كَعْبٌ: قدْ فَعلْت يا رَسولَ اللَّهِ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قُم فَاقضهِ)). – حديث صحيح رواه البخاري –