جمهور السلف والخلف على أن معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “فاقدروا له” في شأن ليلة الشك وقد حال بين الناس وبين رؤية هلال رمضان حائل من غيم أو غيره.
معناه: قدِّروا بقية تمام الشهر، وأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا، أو لا تصوموا رمضان حتى يتم شعبان ثلاثين يومًا تقديرًا، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي رحمهم الله تعالى.
وقال أحمد بن حنبل -رحمه الله- تعالى وطائفة يسيرة: معناه ضيِّقوا له وقدِّروه تحت السحاب، وأوجب هؤلاء صيام ليلة الغيم، وهو مذهب ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وقال مطرف بن عبد الله وأبو العباس بن سريج وابن قتيبة وآخرون: معناه قدروه بحساب المنازل (1).
مج ج 6 ص 223، مغ ج 3 ص 8، بداية ج 1 ص 374، فتح ج 8 ص 257، قرطبي ج 2 ص 293
– موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي للشيخ الإستاذ الدكتور محمد نعيم ساعي اللاذقاني الشامي –
(1) أجمع العلماء على أن الشهر العربي يكون تسعًا وعشرين ويكون ثلاثين، وعلى أن الاعتبار في تحديد شهر رمضان إنما هو الرؤية لقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) أخرجه الشيخان. قال ابن رشد: وعني بالرؤية أول ظهور القمر بعد الزوال. انظر بداية ج 1 ص 373 قلت: فظهر بهذا أن القول بحساب المنازل المنسوب لمطرف بن عبد الله وغيره إنما هو في حالة العجز عن الرؤية لسحاب أو غيم، لا في مطلق الأحوال، أعني حال الصحو وتمكن الرؤية، وبهذا يظهر شذوذ من أفتى في هذا الزمان بجواز إثبات رمضان بالحساب الفلكي مطلقًا في الصحو وفي غيره، وقد حكى ابن المنذر الإجماع في معنى ما قلته وتعقبه الحافظ بما لا يناسب. تنبيه: قال الحافظ في الفتح: قال ابن عبد البر: لا يصح عن مطرف وأما ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا. فتح ج 8 ص 258.
قلت: ثمَّ حكى ابن رشد اتفاق العلماء على أن القمر إذا رؤي من العشيّ فهو لليوم الثاني أي أن ابتداء الشهر من اليوم الثاني، وأما إذا رؤي في النهار فالجمهور أنه كذلك لليوم الذي يليه قال: وبهذا قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور أصحابهم. وقال أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة والثوري وأبي حبيب من أصحاب مالك إذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وإذا رؤي بعد الزوال فهو للآتية. انظر بداية ج 1 ص 374، انظر فتح ج 8 ص 259، مغ ج 3 ص 6 (الشرح الكبير) تحفة ج 1 ص 347، الحاوي ج 3 ص 411، قرطبي ج 2 ص302.