أكثر أهل العلم على أن الشفق الذي بغيابه يدخل وقت العشاء إجماعًا هو الحمرةُ، روى البيهقي هذا القول عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله تعالى عنهم ومكحول وسفيان الثوري، وحكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهو قول الشافعي وأبي ثور وداود.
وقال أبو حنيفة وزفر والمزني: هو البياض. ورُوي ذلك عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – وعمر ابن عبد العزيز والأوزاعي، واختاره ابن المنذر.
قلت: ورُوي هذا عن ابن عباس كذلك حكى الروايتين عنه ابن المنذر.
قال النوويُّ الدمشقي رحمه الله: (احتجَّ أصحابنا للحمرة بأشياءَ من الحديث والقياس لا يظهَرُ منها دلالةٌ لشيء يصحُّ منها، والذي ينبغي أن يُعتمَد أنَّ المعروف عند العرب أنَّ الشَّفَق الحُمْرة، وذلك مشهورٌ في شِعرهم ونَثْرِهم، ويدلُّ عليه أيضًا نقلُ أئمَّة اللغة؛ قال الأزهري: الشَّفَقُ عند العربِ الحُمْرَة، قال الفرَّاءُ: سمعتُ بعضَ العَرَبِ يقول: عليه ثوبٌ مصبوغٌ كأنَّه الشَّفَق، وكان أحمر، وقال ابنُ فارس في الجُمل: قال الخليلُ: الشَّفَقُ الحُمرة التي مِن غروب الشَّمسِ إلى وقت العِشاءِ الآخرة، قال: وقال ابنُ دُرَيد أيضًا: الشَّفَق الحُمْرَة، وذكر ابنُ فارسٍ قولَ الفرَّاء ولم يَذكُرْ هذا، وقال الزبيديُّ «المتوفى عام 379هـ» في مختصر العين: الشَّفَقُ الحُمْرَة بعد غروبِ الشَّمْس، وقال الجوهريُّ: الشَّفَقُ بقيَّة ضوءِ الشَّمْس وحُمْرَتُها في أوَّل الليلِ إلى قريبٍ من العَتَمة، ثم ذكر قول الخليلِ والفَرَّاء، ولم يذكر غيرَ هذا؛ فهذا كلامُ أئمَّة اللُّغة) ((المجموع)) (3/43)، وينظر: ((نيل الأوطار)) للشوكاني (2/14).