أكثر العلماء على أن المستحب في الرأس مسحة واحدة. وممن روي عنه هذا: عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وطلحة بن مصرف والحكم وحماد والنخعىِ ومجاهد وسالم بن عبد الله والحسن البصري وأصحاب الرأي وأحمد وأبو ثور. حكاه عنهم ابن المنذر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه. واختاره ابن المنذر.
وذهب أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وسعيد بن جبير وعطاء وزاذان وميسرة إلى استحباب ثلاث مسحات، وهو مذهب الشافعي وأصحابه وداود وأحمد في رواية.
وحكى ابن المنذر وغيره عن ابن سيرين أنه قال: يمسح رأسه مرتين (1).
مج ج 1 ص 426، مغ ج 1 ص 114, بداية ج 1 ص 22، قرطبي ح 6 ص 89
(1) انظر في هذه المسألة الحاوي ج 1 ص 117.
قلت: وأما القدر الذي يجزئ في مسح الرأس فقد اختلف العلماء فيه اختلافًا كثيرًا عدها القرطبي أحد عشر قولًا بعد حكايته الإجماع على أن من عمم رأسه بالماء فقد أتى بالفرض الذي أمر الله تعالى به. انظر قرطبي ج 6 ص 87، ولا خلاف بين العلماء في أن تعميم الرأس بالمسح مما يُطب ويُحمد في الوضوء. قلت: وحاصل المذاهب في مسح الرأس ثلاثة: الأول: أقل ما يصدق عليه من الرأس ولو ثلاث شعرات وهو مذهب الشافعي، الثاني: جزء من الرأس على خلاف في ذلك هل هو الربع أو الثلث أو غير ذلك، وهو مذهب أبي حنيفة، الثالث: وجوب استيعاب جميع الرأس، وهو مذهب أحمد ومالك والمزني في المشهور عنهم وفي المسألة غير ذلك. انظر تفصيل المذاهب في هذه المسألة: مغ ج 1 ص 111، مج ح 1 ص 400، قرطبي ح 6 ص 87، الحاوي ج 1 ص 114، تحفة ج 1 ص 9، معاني الآثار في ج 1 ص 30، الشرح الصغير ج 1 ص 108. قلت: وحكى القرطبي عن الجمهور أن رد اليدين لمن مسح رأسه كله إلى مقدم رأسه يستحب ولا يجب، وقيل: إنه فرض. قرطبي ج 6 ص89.